

المقصود بالعقد (التوالد) البكري هو تكوين ثمار عديمة البذور دون حدوث عمليتي التلقيح (التنبيت) والإخصاب وهذه الحالة قد تحصل طبيعياً أو باستخدام بعض منظمات النمو. والثمار البكرية تكون عادةً أصغر حجماً وأكثر تأخراً في النضج مقارنة بالثمار الطبيعية (شكل 1) وكما هو معروف إن الزهرة المؤنثة في نخيل التمر تتكون قبل التلقيح (التنبيت) على ثلاث كرابل (Carpels) متشابهة بالشكل والحجم جميعها قادرة على أن تتلقح ولكن عند التلقيح واحدة منها تتلقح وتضمحل الاثنتان الأخريتان تدريجياً وقد يعود السبب إلى عوامل وراثية. والظاهر إن لنوع اللقاح (النبات) له تأثيراً أيضاً على نمو الكرابل ففي بعض الأصناف يتوقف نمو الكربلتين الأخريين وتضمحل بعد أسبوع من التلقيح وفي أصناف أخرى يستمر نمو هاتين الكربلتين حتى الأسبوع التاسع بعد التلقيح ثم تضمحل بعده.
وفي بعض الحالات قد تنمو كربلتان أو ثلاث كرابل مع بعض مكونةً ثماراً غير منتظمة الشكل قد تحوي على بذرة صغيرة مشوهة الشكل أو لا تحوي على بذرة. وهنا تجدر الإشارة إلى التمييز بين هذه الحالات وحالة الثمار البكرية.
ففي الحالة الأولى تتكون ثمار غير مكتملة النمو نتيجة نمو أكثر من كربلة بعد تلقيح أزهارها مكونةً ثماراً صغيرة غير منتظمة الشكل تحوي نواةً صغيرة (الشكل 2). وفي الحالة الثانية نمو أكثر من كربلة (دون حدوث تلقيح) مكونةً ثماراً صغيرة غير مكتملة النمو وغير منتظمة الشكل عديمة البذور يُطلق عليها محلياً بالشيص (الشكل 3).
أما في حالة العقد (التوالد) البكري تتكون ثمار عديمة النواة دون حدوث عمليتي التلقيح (التنبيت) والإخصاب (الشكل1) .

شكل2
يرجع حدوث التوالد البكري في نخلة التمر إلى مرحلة التغذية الذاتية في مبايض الزهرة الأنثوية واحتواء الكرابل على مواد هرمونية قد تكون أوكسينات أو حامض الجبريلين تساعدها على تحفيز نمو كربلة أو أكثر ويبدو أن كمية المواد الهرمونية تتأثر بوجود اللقاح أو عدمه. فوجود اللقاح له تأثير ميتازيني (Metaxenia) وتأثير زيني (Xenia) أي التأثير المباشر وغير المباشر على تكوين الثمار والبذور وعدم وجود اللقاح يؤدي إلى بطء في نمو الجنين وبالتالي إلى تأخر في نضج الثمار.
وقد ثبت بشكل قاطع اعتماد عملية النضوج على وجود وتكون البذور والتي قد تشجع على تكوين هرمونات معينة لها دور أساسي في عملية النضج وهناك بعض الأدلة التي تشير بأن الجبريلين يتواجد طبيعياً في بذور بعض الفواكه وإن حدوث عملية الإخصاب وبالتالي تكوّن البذور
منذ سنوات عديدة مضت لوحظ في بعض مزارع النخيل وجود اختلافات في شكل وحجم الثمار بالصنف الواحد نتيجة استخدام لقاح (نبات) من أصناف مختلفة من الأفحل. وأول من أوضح هذه هذه الحالة الباحث شيونيفرت (Sehweinfurth) عام 1901 ومن بعده عدد من الباحثين لحين قام الباحث سوينجل (Swingle) بسلسلة من التجارب خلال الفترة من (1922 – 1926) باستخدام بعض الأفحل على أصناف معينة من نخيل الإناث ووجد أن نوع اللقاح يؤثر على حجم الثمرة وميعاد نضوجها وأطلق على هذه الظاهرة بالميتازينيا (Metaxenia) وأوضح أن حدوثها نتيجة تأثير اللقاح المباشر على أنسجة الثمار أو ما يسمى بالأنسجة الأمية (Maternal Tissues) خارج (جنين واندوسبيرم) البذرة. غير أن الباحث شافنر (Schaffner) عام (1928) استخدم مصطلح زينيا (Xenia) لتفسير تأثير اللقاح المباشر على الأنسجة الأمية داخل (جنين واندوسبيرم) البذرة. ومنذ ذلك الوقت فقد أجريت العديد من الدراسات والبحوث في مناطق زراعة النخيل المختلفة أكدت جميعها على وجود ظاهرتي (الميتازينيا والزينيا) قد يرجع سببهما إلى عوامل وراثية وإلى افرازات حبوب اللقاح وهرمونات معينة تتفاعل مع مبايض الأزهار.
يُقصد بالتوافق الجنسي (Compatibility) هو توافق أو ملائمة نوع لقاح الفحل من صنف معين بإخصاب أزهار صنف معين من الإناث. الاعتقاد السائد في بعض مناطق زراعة النخيل بأن هناك أصناف من الأفحل أفضل من غيرها في تلقيح أزهار الأصناف الأنثوية وقد يرجع سبب رداءة لقاح بعض الأصناف من الأفحل إلى عاملين هما: أولاً: عدم قدرة اللقاح (النبات) على الإنبات بسبب نقص في تكوين حبة اللقاح أو حصول ضمور فيها.
رابعا: عدم التوافق بين لقاح الفحل المعين مع صنف النخلة المراد تلقيحها
بصورة عامة، لا يقتصر الحصول على لقاح(نبات) من صنف معين على نوع نخيل التمر وانما يمكن استعمال لقاح من أنواع أخرى من جنس فيونيكس (Phoenix) مثل نخيل السكر (P.sylvestris Roxb.) ونخيل الكناري (P.canariensis Hort.) ونخيل الصخر (P.reclinata Becc.) لتلقيح اناث نخيل التمر أو بالعكس. فقد وجد أنها تعطي نتائج جيدة خصوصاً بين نخيل التمر ونخيل السكر.
كما تشير التقارير عن المشاهدات الميدانية لمزارع النخيل لجوء بعض المزارعين إلى تلقيح أزهار بعض الأصناف وبالأخص المبكرة بخليط من لقاح أفحل مختلفة لضمان الحصول على نتائج أفضل.
من المشاكل التي يعاني منها المزارعون خصوصاً في دولة الامارات العربية المتحدة هو عدم إيجاد اللقاحات المناسبة والملائمة لتلقيح أصناف نخيل الاناث بسبب مجهولية غالبية أصناف الأفحل مما دفع كثيراً من المزارعين في دولة الامارات إلى زيادة عدد الشماريخ الذكرية عند تلقيح بعض الأصناف كصنف خلاص (26 – 30 شمراخاً) لضمان الحصول على إنتاجية عالية.
هذا العدد من الشماريخ يعتبر عالياً بالمقاييس الاعتيادية للتلقيح وهدراً بكميات حبوب اللقاح وبالأخص في المواسم التي يشح فيها حبوب اللقاح، حيث أن حبة لقاح واحدة تكفي لإخصاب الزهرة الأنثوية وصعوبة اخصاب أزهار صنف خلاص وغيرها من الأصناف يعود إلى حيوية حبوب اللقاح وإلى عدم ملائمة أو توافق نوع اللقاح لإخصاب هذه الأصناف. وأيضاً إلى كبر حجم حبوب لقاح بعض أصناف الأفحل بحيث لا تتمكن من دخول مياسم أزهار بعض أصناف الاناث لإتمام عملية الاخصاب.
مما تقدم، يتطلب اجراء المزيد من الدراسات والتجارب والبحوث في دولة الامارات لتحديد أصناف الأفحل الجيدة وانتخاب اللقاحات المناسبة والملائمة ليس فقط بالنسبة إلى تأثيرها على شكل وحجم ونوعية ونضوج ثمار أصناف نخيل التمر وانما أيضاً ملائمتها وتوافقها في تلقيح أصناف الاناث وتحديد حجم وحيوية حبوب اللقاح.