النخيل في السودان: مشروع قومي لإعادة الإعمار وبناء السلام وحماية البيئة

المربع الذهبي للتنمية: شراكة متكاملة بين الحكومة، القطاع الخاص، المنظمات الدولية والجمعيات التعاونية لإحياء الأرض وبناء الإنسان

في أعقاب الحرب، يقف السودان أمام تحديات جسيمة، من إعادة الإعمار إلى مكافحة الفقر والتصحر، وصولًا إلى مواجهة آثار التغير المناخي. في هذا السياق، يبرز مشروع النخيل القومي كخيار استراتيجي يجمع بين التنمية الاقتصادية، والاستدامة البيئية، وإحلال السلام في المناطق المتأثرة بالحرب.
يمثل النخيل أكثر من مجرد شجرة مثمرة؛ فهو رمز للحياة والاستقرار، ووسيلة فعالة لوقف زحف الرمال ومكافحة التصحر، بفضل قدرته على النمو في الأراضي الهامشية والمالحة، وتحمله للجفاف والفيضانات على حد سواء. كما أن زراعة ملايين النخيل تساهم في احتجاز الكربون (Carbon Sequestration)، مما يؤهل السودان للاستفادة من برامج أرصدة الكربون العالمية، ويضع المشروع في إطار أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، بدعم من المنظمات الدولية المعنية بالبيئة وتغير المناخ مثل UNEP وUNDP.
ولنجاح المشروع، يأتي معمل زراعة الأنسجة بشركة زادنا العالمية كحجر زاوية لتوفير فسائل نخيل نسيجية عالية الجودة، مقاومة للجفاف والملوحة، وتوسيع نطاق زراعة النخيل في السودان. كما يمكن إنشاء أحزمة نخيل حول المشاريع الزراعية القائمة، لتعزيز الأمن الغذائي، وتحسين البيئة المحلية، وخلق فرص عمل للشباب وتمكين المرأة الريفية، بمشاركة الجمعيات التعاونية لضمان مشاركة المجتمعات المحلية وعدالة توزيع المنافع.
وفي هذا الإطار، نهيب بالمؤسسات السعودية الرائدة في مجال النخيل وإعادة الإعمار والتنمية الإنسانية، وعلى رأسها مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، أن تدعم هذا المشروع العظيم. فخبرتهم الطويلة ويدهم البيضاء في تنمية السودان وإعادة إعمار مناطقه المتأثرة بالأزمات تجعلهم الشريك الأنسب لإنجاح هذه المبادرة، من خلال الدعم الفني والمالي والمجتمعي، لتصبح النخلة رمزًا للسلام والتنمية المستدامة، ومصدر إلهام للشراكات بين القطاعين العام والخاص، والمجتمع الدولي والمحلي.
إن مشروع النخيل القومي ليس مجرد فكرة زراعية، بل هو رسالة سلام وتنمية واستدامة قادرة على تغيير وجه الريف السوداني وإعادة السودان إلى مكانته كأرضٍ للخير والنماء والعطاء، ليكون نموذجًا متكاملاً للتعاون بين الدولة، والمجتمع المحلي، والقطاع الخاص، والمنظمات الدولية والإقليمية.

د. محمد إبراهيم البشير
الباحث بقسم المبيدات والأسمدة الحيوية – معهد أبحاث البيئة والموارد الطبيعية والتصحر
المركز القومي للبحوث – وزارة التعليم العالي والبحث العلمي – الخرطوم، السودان
16 أكتوبر 2025 – مكة المكرمة