التوصيف الوراثي للأصناف العراقية

المشرف
الدكتور حسام سعد الدين محمد خير الله
رئيس وحدة أبحاث النخيل
كلية الزراعة – جامعة بغداد

يعتقد أن نخلة التمر كانت معروفة في بابل قبل 4000 سنة قبل الميلاد في مدينة أريدو (أور) في جنوب العراق اذ تشير الدراسات الأركيولوجية الى أن أول ظهور موثق لنخلة التمر كان في موقعين هما تل عوويلي وتل أبو شهرين في أقصى جنوب العراق وقد عثر على الكثير من النقوش السومرية التي تدل على مدى قدم النخيل في تلك المنطقة. في حين ذهب بعض الباحثين في التأريخ الطبيعي للنخيل الى أن العائلة النخيلية هي أقدم العوائل الخشبية من ذوات الفلقة الواحدة وهي بقدم المتحجرات التي يعود تأريخ نشوئها إلى 120 مليون سنة، ويعتقد أن جميع العوائل من ذوات الفلقة الواحدة قد اشتقت من العائلة النخيلية. إما انتشار النخيل عبر التاريخ فيفسره بعض المؤرخين بأن هذه الشجرة التي عرفت قبل ألاف السنين قبل الميلاد انتشرت زراعتها باتجاهين مختلفين الأول اتجه شرقاً من بلاد مابين النهرين إلى إيران وصولا” إلى نهر الأندس في باكستان والثاني انتشر من وادي النيل واتجه غرباً إلى ليبيا والمغرب وبلاد الساحل حتى جزر الكناري في المحيط الأطلسي إذ تنتشر زراعة النخيل اليوم في هذه المناطق المحصورة بين خطي عرض 10 و 30 شمال خط الاستواء.
خلال السبعينيات من القرن المنصرم كان العراق يحتل موقع الصدارة في اعداد اشجار النخيل الذي وصل الى 30 مليون نخلة وكان فيه أكبر غابة لأشجار النخيل في العالم في شبه جزيرة الفاو كما كان الدولة الأولى في الأنتاج والتصديرعلى مستوى العالم، إلا أن الظروف الصعبة التي مرت في المنطقة والحصارالأقتصادي والعقوبات الدولية وتجفيف الأهواروالأهمال الذي أصاب بساتين النخيل في السنوات الأخيرة كلها قد أدت الى تقليل أعداد النخيل الى 9.878 مليون نخلة وبمعدل انتاج 33.3 كغم/نخلة حسب أحصائيات الجهاز المركزي للإحصاء العراقي لعام 2006 وأنخفاض الانتاج والأنتاجية للاشجارفضلاً عن الأضراربالتنوع الأحيائي Biodiversity في هذة المنطقة الأمر الذي أدى الى حدوث اندثار وراثي Genetic erosion لهذا المحصول المهم الذي كان يشكل أحد روافد الدخل القومي في العراق. وبناءً على ما تقدم فأن إعادة أعمار قطاع النخيل في العراق يستلزم اتخاذ العديد من الأجراءات ومنها:

  1. دعم وتشجيع المزارعين وأصحاب البساتين على العناية بالأشجار وخدمة البساتين بالطرق الحديثة.
  2. دعم جهود مكافحة اللآفات الزراعية التي تصيب بساتين النخيل.
  3. أقامة بساتين الأمهات في مناطق مختلفة من العراق.
  4. انشاء البنك الوراثي لأصناف النخيل بجمع أكبرعدد من أصناف نخيل التمر الموجودة في العراق في محطات معزولة وتربيتها باستخدام طرق الري الحديثة
  5. استخدام طرائق الأكثار الدقيق بزراعة الانسجة للتوسع بأعداد الفسائل المنتجة خاصة بالنسبة للأصناف التجارية والمرغوبة.
  6. التوصيف الوراثي للأصناف العراقية الأصيلة باستخدام المؤشرات الوراثية المختلفة.

ان من المشاكل التي تواجه التوسع في زراعة النخيل وإنتاجه هي الاختلافات الوراثية والبيئية الكبيرة الموجودة بين الأصناف ووجود أكثر من أسم لنفس التركيب الوراثي مما يجعل صعوبة التميز بين الأصناف المختلفة وخاصة في المراحل المبكرة من النمو ولذلك استخدمت العديد من المؤشرات الوراثية من قبل الباحثين في تحقيق هذا الهدف. وهناك عدة أنواع من المؤشرات الوراثية المستخدمة في التوصيف الوراثي لأنواع وأصناف النخيل كالمؤشرات المظهرية والمؤشرات البروتينية أوالأنزيمية. ونتيجة للتطورالسريع الذي حصل في مجال علم الحياة الجزيئي Molecular Biology والنجاحات المستمرة التي حققتها الهندسة الوراثية وخاصة في عقد الثمانينيات والتسعينيات من القرن المنصرم قد وفرت الأدوات المناسبـة للتحلـيل الجـزيئي للمـادة الـوراثية فظهرت مؤشرات الدنا (DNA markers) مثل المؤشرات المعتمدة على التهجين الجزيئي كمؤشرات Restriction Fragment Length Polymorphism (RFLP) أوالمعتمدة على التفاعل التضاعفي لسلسلة الدنا Polymerase Chain Reaction (PCR) كمؤشرات Randomly Amplified (RAPD) Polymorphic DNA أو مؤشرات Amplified Fragment Length Polymorphism (AFLP) وكذلك مؤشرات التتابعات البسيطة المتكررة Simple Sequence Repeats (SSR). وقد أزدادت أهمية هذه المؤشرات في السنوات الاخيرة لما تمتازبه من الدقة العالية المتمثلة بقدرتها على اظهار التباين بين أي موقعين حتى وان كان الأختلاف بينهما بسيطاً جداً. ولعل من الأحداث التي ستسهم في الأسراع في هذا الموضوع هو الأنجاز العلمي المهم الذي توصل اليه Joel .Malek A وزملائه من الكلية الطبية بجامعة ويل كورونيل الأمريكية في قطر Weill Cornell Medical College in Qatar (WCMC-Q) عندما أعلنوا في آذار 2009 عن التوصل الى المسودة الكاملة المجمعة لتسلسلات النيوكليوتيدات الخاصة بمجين نخلة التمر صنف خلاص وأعلنت عنه العديد من المواقع العلمية في العالم والذي سيكون حجر الزاوية في تطور التقانات المتعلقة بمجين نخلة التمر وتوظيفه في تحسين وتطوير هذا المحصول.
أن التوصيف الوراثي لاصناف النخيل العراقية الأصيلة وايجاد العلاقة الوراثية بينها وحل مشكلة التداخل بين الطرز البيئية Ecotypes المختلفة ووجود أكثر من أسم لنفس التركيب الوراثي خاصة بعد ان بلغ عدد الأصناف التي تم جمعها في المحطات التابعة للهيئة العامة للنخيل اكثر من 500 صنف مسجل يظهر الحاجة الملحة لعدد كبير من المؤشرات الوراثية واستخدامها للتشخيص الوراثي لأكبر عدد ممكن من الأصناف. ومن هنا جاءت مبادرة الشبكة العراقية لنخلة التمر في انشاء صفحة متخصصة لموضوع التوصيف الوراثي لأصناف نخيل التمر العراقية تعنى بكل الابحاث والمعلومات التي تخص هذا الموضوع وهذه دعوة لكل الاخوة الباحثين للمساهمة في رفد هذه الصفحة بالابحاث العلمية او المعلومات الحديثة عن اخر المستجدات ومن الله التوفيق.