
لم تكن اللقمة يومًا مجرد طعام يسد الجوع، بل كانت قصة طويلة تبدأ بزرع الحبة في أعماق الأرض، تسقيها السماء بقطراتها الأولى، فتخرج إلى النور كعهد الحياة الذي يتجدد. لكنها لا تصل دائمًا إلى من يحتاجها، فكم من سنبلة حصدها فلاحٌ بأمل أن تملأ المائدة، ثم انتهى بها الحال في القمامة؟ وكم من وجبة أعدتها أيدٍ متعبة، ثم لم تجد من يقدرها، فاختنقت بها النفايات؟ وكم من طفل نام جائعًا، بينما كان يمكن للكسرة الملقاة في الشارع أن تكون خلاصه؟
الفاقد والمهدر من الطعام يُعد من أكبر التحديات التي تواجه الأمن الغذائي والاستدامة البيئية على مستوى العالم. وفقًا لمنظمة الأغذية والزراعة (FAO)، يتم فقدان أو إهدار حوالي 1.3 مليار طن من الغذاء سنويًا، وهو ما يمثل ثلث الإنتاج الغذائي العالمي، مما يسبب خسائر اقتصادية ضخمة ويؤثر سلبًا على المناخ والموارد الطبيعية.
من حيث المبدأ فإن فاقد الطعام (Food Loss) هو الفقد الذي يحدث في سلسلة الإمداد الغذائي أثناء مراحل الإنتاج، الحصاد، النقل، البيع بالتجزئة والتخزين بسبب ضعف البنية التحتية، الأخطاء اللوجستية، وسوء الممارسات الزراعية. أما المُهدر من الطعام (Food Waste) هو الطعام الصالح للأكل الذي يتم التخلص منه على مستوى الاستهلاك المنزلي والمطاعم بسبب سوء التخزين، انتهاء الصلاحية، أو العادات الاستهلاكية الخاطئة.
الفرق الأساسي بينهما هو أن فاقد الطعام يحدث في مراحل الإنتاج والتوزيع (غالبًا في البلدان النامية). أما الهدر الغذائي يحدث في مرحلة الاستهلاك (أكثر شيوعًا في الدول المتقدمة).