

عن تفسير الميسر: قوله تعالى «مَثَلُ مَا يُنفِقُونَ فِي هَـٰذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ ۚ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَـٰكِنْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ» ﴿آل عمران 117﴾ ريح اسم، أصابت فعل، حرث قوم: زرعهم، مَثَلُ ما ينفق الكافرون في وجوه الخير في هذه الحياة الدنيا وما يؤملونه من ثواب، كمثل ريح فيها برد شديد هَبَّتْ على زرع قوم كانوا يرجون خيره، وبسبب ذنوبهم لم تُبْقِ الريح منه شيئًا. وهؤلاء الكافرون لا يجدون في الآخرة ثوابًا، وما ظلمهم الله بذلك، ولكنهم ظلموا أنفسهم بكفرهم وعصيانهم. وجاء في تفسير الجلالين لجلال الدين السيوطي: قوله تعالى «مَثَلُ مَا يُنفِقُونَ فِي هَـٰذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ ۚ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَـٰكِنْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ» (آل عمران 117) «مثل» صفة «ما ينفقون» أي الكفار «في هذه الحياة الدنيا» في عداوة النبي أو صدقة ونحوها، «كمثل ريح فيها صِرّ» حر أو برد شديد «أصابت حرث» زرع «قوم ظلموا أنفسهم» بالكفر والمعصية «فأهلكته» فلم ينتفعوا به فكذلك نفقاتهم ذاهبة لا ينتفعون بها، «وما ظلمهم الله» بضياع نفقاتهم «ولكن أنفسهم يظلمون» بالكفر الموجب لضياعها.
وعن تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: قوله تعالى «مَثَلُ مَا يُنفِقُونَ فِي هَـٰذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ ۚ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَـٰكِنْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ» ﴿آل عمران 117﴾ قوله تعالى: «مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا» الآية الصر البرد الشديد، وإنما قيد الممثل بقوله: «فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا» ليدل على أنهم منقطعون عن الدار الآخرة فلا يتعلق إنفاقهم إلا بهذه الحيوة، وقيد حرث القوم بقوله: «ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ» ﴿آل عمران 117﴾ ليحسن ارتباطه بقوله بعده: «وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ» ﴿آل عمران 117﴾. ومحصل الكلام أن إنفاقهم في هذه الحيوة وهم يريدون به إصلاح شأنهم ونيل مقاصدهم الفاسدة لا يثمر لهم إلا الشقاء، وفساد ما يريدونه ويحسبونه سعادة لأنفسهم كالريح التي فيها صر تهلك حرث الظالمين، وليس ذلك إلا ظلما منهم لأنفسهم فإن العمل الفاسد لا يأتي إلا بالأثر الفاسد.




اترك تعليقاً